بقلم رشيد ختار:
إنه أصم وأبكم !!
في صباح ضباب خفيف ، جلست كعادتي في مقهاي المفضلة خلال تواجدي بمدينة الأنوار الباريسية . بين يدي الجريدة ومستأنسا بفنجان القهوة .
غير بعيد ، على الجسر المقابل للمقهى أشاهد القطار وهو يمر ببطء لكني ركزت على شاب كان يرمقني بنظرة جريئة وكأنه يريد أن ينقض علي . حينها جعلني أخفظ رأسي وأراقبه دون أن أعيره أي اهتمام .
تابعت الفتى اليائس ، كانت نظرته لا إنسانية والخدشات التي على عنقه توحي بتعرضه لاعتداء جسدي .
اقترب مني لحظة ووقف أمامي ينظر إلي بإمعان ، قلت له :
– ماذا هناك ؟ أتريد شيئا ما ؟
طأطأ رأسه بالإيجاب .فأشار بيده تجاه الكأس .. دون أن ينبس بكلمة و دون استئذان ، أخذ كأس ماء ، شرب ، ثم وضعه في مكانه ..
بعدها جمع نقودا كانت مخصصة
لدفع ثمن القهوة ، فانصرف بسرعة الدراجة الهوائية مخافة أن أبلغ عنه ويعتقله البوليس .
تسائلت مع نفسي ، ترى مالذي دفعه إلي؟ لماذا اختارني دون غيري متجاهلا الآخرين من أبناء جلدته…؟ ربما يخشى أن يبلغوا عنه ، أو ربما لأن لون بشرتي تختلف عنهم أو لأنني أجنبي علما أن هناك
من لديهم البشرة القاتمة!
…. في لحظة جامحة ، التفتت يمينا بابتسامة غير مشرقة إلى الجالسين من زبناء المقهى وبصوت قوي ، نطق أحدهم بلغة موليير :
“ll est sourd et muet Monsieur !
إنه أصم وأبكم سيدي!
المصدر : https://akadinews.com/?p=15441