قهوة الصباح/ سعيد عقادي.
و كعادتي للتاريخ أكتب .. نعم ، لمن هم معنا و لم يعايشوا ذلك الزمن الجميل ، و أيضا لمن سيخلفوننا دائما أسجل و أحقق ، و و الله لا أخشى في الله لومة لائم ، و لننطلق ..
.. أعلم أولا ، اننا في طريق محفر غير معبد ، في ذلك الطريق الذي فيه الفضيلة تحارب ، من كل جانب اراها تقارع و تناهض . و ثقوا بي إخواني أخواتي كما أثق في نفسي ان الغلبة بفضل الله و حمده لن تكون إلا للأصح الصالح .
..لا أخفي عنكم انني مررت مؤخرا بتجربة ، تجربة بسيطة في شكلها ، غنية في عمقها و جوهرها لم اخرج منها إلا بتقييم لما هو جار ، مقارنة مع قيمة ذلك السلف الوطني المميز الغالي . مادامت قد ذكرتني بذلك الماضي الزاهر الشامخ ..
..اولا ، اعترف لكم انه في سني و انطلاقا من تجاربي و خبراتي عدت اكره و أمقت دخول الإدارات و المؤسسات المغربية . و لولا الضرورة الملحة الملحة الملحة ما وطأت رجلاي محيطها و بالأحرى الحديث مع من يسيرها ، و انا قد طلقتها الطلاق البائن الذي لا رجعة فيه لما هي الآن عليها و هي لا ترقى لطموحاتنا و وطنيتنا . لأننا ممن عاش العز في ظل الإدارة المغربية الحقيقية .. في ذلك الزمن الجميل الخير في تسييره و حضرة رجالاته ، و هذا رأي مدفون في داخلي ، واضح على خارجي و في معاملاتي ، و لن يزعزعني عنه ابدا اي مزعزع جاحد .
.. تجربتي الجديدة ،انه خلال الأسبوع الماضي ولجت مؤسسة رغبة في فعل خير انطلاقا من قوله ص : من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته . و استجابة لقول الرسول الاعظم : لإن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير من ان يعتكف في مسجدي هذا ..
.. النتيجة ، و بعد ان استقبلني أحدهم من مسؤولي هذا الزمن البئيس على مضض ، لم اخرج نهاية من مكتبه الا حزين النفس جريح الفؤاد ،ساخطا حاقدا علو دواير الزمان ..
٠٠ لا معاملة حسنة .. ولا استقبال في المستوى .. و لا مرونة في قضاء تلك الحاجة ..
.. لا مستوى و لا اخلاق حتى في جلسته . اما حديثه فماذا قد يقول الميت امام مغسله ؟ و ماذا يقول ابن لاب خاتر متمكن ؟ ..
.. على اي ، و هو يتارجح فوق كرسيه كنت اتمعن في حركاته و في مستواه و اندب داخل اعماقي لما وصلت اليه تلك المؤسسة التاريخية بوطنيتها و رجالاتها و ما اسدته من خدمات جليلة للمواطنين ، في فترة كنت بجانبها مسؤولا خادما يافعا من كل متقلب ..
.. هنا اختم مع الحدث .. واثق من انني صائب ، جريح ، متيقن من الإدارة المغربية لا زالت تعثر .. لم تصلح بعد دواليبها و لا اسسها رغم ما سمعناه و سمعناه عن إصلاح و من كلام فارغ .
… تذكرت و تذكرت و تذكرت و تذكرت و من جملة ما تذكرت ، منتخبي و موظفي و رجال سلطة ذلك الزمن الجميل بعمالة انفا و مقاطعات جماعة مولاي يوسف لا الخامسة منها و لا السادسة ..
.. تذكرت الرئيس السابق المامون العلوي الذي كان قبل السادسة صباحا تراه يجول في ازقة المنطقة .. يتفقد الرعية ، يبحث عمن لديه حاجة يقضيها و يفك عقدتها ..
.. تذكرت الحاج مصطفى الريضاوي حفظه الله و أيامه الزاهية كمنتخب رئيس للجنة الأشغال أيام العمالقة و كنائب للرئيس ، و كرئيس و برلماني للجماعة ..
تذكرت تلك الأيام و تذكرت معها الأخلاق الفاضلة و الوطنية و الجدية ، و ذلك المردود المسجل على صفيح من ذهب بمداد من الفخر و العز ،يوم كانت أبواب المسؤولين مفتوحة طيلة النهار و الهواتف ترد طيلة الليل و هم يطلبون قضاء حوائج الناس و لو بمزج النصوص القانونية بالمرونة مادام الضرر غير حاصل تغلب عليه المنفعة و إسعاد الساكنة ..
.. كم عارضت و عارضت تلك الأيام ، و وجهت و انتقدت، والحقيقة ان ذلك الماضي جميل ، لم و لن يعوض رغم النقائص و الملاحظات ..
.. تذكرت و تذكرت و لا احد بما فيهم الزايمر او الشيخوخة او .. او.. قد ينسيني رجال السلطة الذين مروا من هناك ، لا في شخصياتهم و لا في وطنيتهم و لا في اخلاقهم او في معاملاتهم و إنسانياتهم ..
.. اطال الله في عمر الحاج فقار ، ابونا الروحي القدوة في المعاملة و العطاء .. و ابن بوبكر الجامع الشامل الحافظ لمكونات كل زنقة زنقة الذي ما أظن ان الزمان قد يأتي بمثله في انفا .
.. تذكرت سي بنزهة الأخ و العزيز المحبوب لدى الجميع ..
..تذكرت المرحوم الرجاوي بوجمعة بالمقاطعة الخامسة وسي عبد النبي سي رتبي و بوزرود و بلعربي و أيت لحسن و بنسودة و أرسلان و بومهدي و مسكير سي مصلح و السعدي و عبد الكبير و .. و..و .. و من ابرزهم أيضا عميد مقاطعة بوسبير سي مصطفى ساجد ، القائد المميز و كلهم مميزون .. نعم ، افادوا اكثر بكثير مما استفادوا .. ابدعوا جميعهم و اخلصوا .. وفوا كلهم . و الله لن يضيع اجر من احسن عملا ..
..ما يحز في نفسي و في كل المجالات و القطاعات ببلدنا الحبيب ان كل من تقاعد نقول له سلاما ..
.. فلماذا على الاقل لا نكرم هؤلاء الشموخ ونتذكرهم من حين لآخر؟ .. لماذا لا نستفيد من خبراتهم و تجاربهم و يبقوا مستشارين ماداموا مستعدين مؤدين القسم مع انفسهم على انهم سيبقوا يضحون الى آخر رمق من أجل هذا البلد السعيد ؟
.. لماذا لا نستحضرهم و لو في المناسبات الوطنية و عند سماع خطب صاحب الجلالة اعزه الله و حفظه على سبيل المثال لا الحصر ؟ لم ؟ و لم ؟.. و الله كفيل بهم .. حافظا لهم .. منعما عليهم .. لانهم اخلصوا و كانوا من اسباب امننا و استقرارنا و اسعادنا .. الله اطال الله في اعمار من لازال حيا منهم يرزق ..
تحياتي لهم جميعا.
..
المصدر : https://akadinews.com/?p=19034