قهوة الصباح/ سعيد عقادي
قطعت يوم الأحد الماضي مسافة 150 كلم من مدينة نيس الى مدينة تولون في فرحة و نشاط لأتتبع مباراة رياضية شيقة ممتعة و اية مباراة !؟ ..
.. المباراة لم تكن تخص القدم أو اليد أو السلة أو المضرب . و انما كرة عندنا في المغرب نزلت عليه الضربات من كل جانب حتى فقدت بريقها و تم نسيان تاريخها و مجدها و نجومنا و أطرها التقنيين و حكامها ، و نتأسف على ما هي عليه اليوم و نحن نتتبع خطواتها من سيئ الى أسوإ ، هي كرة الماء water-polo ، تلك الرياضة المتميزة المحبوبة التي لها عشاقها و محبوها ..
.. عن مباراتي في مدينة تولون التي بدأت بها الحديث ، لا تظنوا أنها كانت خاصة بفئة الكبار و ذكورا . بل كانت خاصة بالإناث و لفئة اقل من 13 عاما ، شاركت فيها بنات 11 و 12 عاما ، و منهن من تسلك حاليا في دراستها مسلك دراسة و رياضة تخصص كرة الماء و الله أكبر . و هنا ليس لخاطري و إنما اضطرارا من وطنيتي اقف وقفة مرارة و وجع و حسرة ، لأتوجه الى وزارة التعليم و الرياضة المغربية و إلى اللجنة الوطنية الأولمبية ببلادنا و الى جامعة السباحة و الى تلك الجامعات المضللة التي تبيع الوهم للمغاربة و تتركهم ينتظرون ميداليات في الألعاب الأولمبية و هم بعيدون كل البعد عن لمسها أو شمها .
.. هذه هي فرنسا يا سادة و يا مسؤولين ، فما بالكم بالولايات المتحدة الامريكية و كندا و المانيا و اوستراليا و هنغاريا و روسيا والصين و اليابان و كوريا و القائمة طويلة !!!! ..
.. لن اكلمكم بالمناسبة عن فنون الحرب وباقي الأنواع الرياضية الجماعية و عن السباحة و كرة الطاولة و المسايفة و التزحلق و الرياضات الاخرى المائية … و عن حظوظها في الأولمبياد القادمة بباريز 2024 ان شاء الله تعالى لأنها خاوية على عروشها ، و إنما سأحاول ان أحدثكم و باقتضاب شديد عن كرة الماء موضوعنا في هذه المناسبة . أقول باقتضاب شديد لانه لو فصلت و شرحت هذه الرياضة المغربية امامكم لتفاجأتم و لاستغربتم لواقعها و ما يدور في محيطها من شدة المرارة و الألم و المغص .. الأوجاع التي لا ينفع معها و ثقوا بي لا دواء الكيماويين أو دواء الطبيعيين في ظل التسيير الحالي .
.. فاذا كانت فرنسا تتوفر على كل الفئات العمرية و تتدرب كل يوم لساعات في ظروف ملائمة ، وفق شروط صحية ، و تستفيد من تربصات تدريبية بالبلد و خارجه و من بطولات منظمة و لقاءات دولية ، فليكن في علمكم يا من يثقون في الأكاذيب و ينتظرون المستحيل من رياضتنا ، ان بطولتنا المغربية في كرة الماء لا تجرى الا بمشاركة ستة أندية فقط ، و مقسمة على مجموعتين . اي أن كل مجموعة بها ثلاثة فرق لا غير !!! …
.. هذا الدليل لوحده حتما يكشف الضباب امامكم و يوضح الرأيا . و لا تسألوني عن باقي الفئات و لا عن صنف الإناث اذا اخبرتكم انه لحد كتابة هذه السطور لم تنطلق بعد البطولة الوطنية . و انه لم يسمح لأندية مجموعة الدارالبيضاء الوداد و الرجاء و الجمارك بولوج المسبح الأولمبي قصد بداية التداريب الا في الأيام الأخيرة بدعوى أن الجامعة لم تؤد واجب التداريب لإدارة المسبح في الوقت المطلوب كما يروج في الاوساط لذلك !!! .
على اي . سمعنا ان أندية البيضاء لم تتدرب تقريبا خمسة أشهر و هذه طامة كبرى ، إلى درجة ان من اللاعبين من استسلموا و لم تعد لهم اية رغبة في اللعب أو ممارسة هذه اللعبة المهمشة كما سمعنا .
.. هذه ذرة من حال كرة الماء المغربية حتى و لو أننا كنا نتوفر على حكام دوليين و على مدربين محترمين . و هذا بدوره واقع ألمسه ، لأنني شخصيا عايشتهم و عملت و سطهم و واثق من مستواهم و كفاءاتهم ..
.. المهم . كنا نقهر دولا كبرى و نسيطر إفريقيا رفقة مصر عن البطولات الإفريقية .
.. اليوم اصبحت تونس و الجزائر و منتخبات من ادغال إفريقيا و عدد كبير من المنتخبات الناشئة احسن منا ..
.. عربيا . السعودية و الكويت و قطر و..و..و تجاوزونا تبارك الله ما شاء الله ، و لو اننا لعبنا معهم لأذلونا نحن اصحاب البحرين و المواهب و المسابح و المنشآت و الخيرات و الكفاءات و المجد و التاريخ ..
نعم . بتخصيص ثلاث ساعات فقط للتدريب أسبوعيا لاندية كرة الماء بالدارالبيضاء ، متيقنون من ان هاته الأندية ذات التاريخ الكبير لا يمكنها ان تحافظ على مجدها العريق و لا ان تكون ابطالا من المستوى الدولي المرغوب فيه ..
.. فأين أنت يا وداد و يا رجاء و يا جمارك و.. و… و… أين هم نجوم هذه الاندية في ذلك الزمن الجميل ؟ .. أين اولائك اللاعبين الذين كلموا المسابح و كرة الماء و وقفوا الند للند لمنتخبات كبرى زمان الجد و المعقول ؟.
.. لن اترك المناسبة تمر دون ان أحييكم لأنني لم و لن أنس ذكرياتي الجميلة رفقتكم و الفرجة في فنياتكم و تلك السعادة التي ادخلتموها على نفوسنا و خواطرنا بجدكم و وطنيتكم و عشقكم لكرة الماء …
..اليوم اقول رحمة الله على كرة الماء المغربية ..هي في الحضيض تتمرغ ، و لست أدري متى سيتدخل المسؤولون على القطاع الرياضي في بلدنا الحبيب لإرجاعها الى سابق عهدها .. إلى ما كانت عليه بدون ريال او سنتيم او درهم أو تبندير .. يوم كان قوامها النخوة و عشق الرياضة و التضحية و حب الوطن ..
المصدر : https://akadinews.com/?p=16868