قهوة الصباح / سعيد عقادي.
تذكروا معي يوم 25 غشت الماضي .. اليوم التاريخي المليئ بالعبر و بالدروس .. اليوم الذي ابعدنا عن هموم كرة الطائرة و اليد و القدم و الطاولة و السلة و الماء ، و أنسانا الركراكي و التهيئ لحضور كأس العالم .. اليوم الذي حطت فيه طائرة ايرباص 330 بمطار الهواري بومدين و نزل منها ماكرون و عدد من الشخصيات الفرنسية منها كاترين ماكغريغور رئيسة شركة الطاقة الفرنسية اينجي .. اليوم الذي من بين ما استنتجنا منه ان بعض المسؤولين الفرنسيين ضربوا فيه بعرض الحائط علاقاتنا التاريخية مع فرنسا في كل مناحي الحياة ، و فرنسا في القلب بالحجة و بالبرهان دون ريب او شك .
.. نعم محبوبة ، لأننا لسنا من منكري الخير و التاريخ و الروابط ، و الخالق سبحانه و تعالى يأمرنا في كتابه العزيز قائلا : و لا تنسوا الفضل بينكم . و الرسول صلى الله عليه و سلم يؤكد على ان الدين المعاملة .
.. من جانبي ، و هذا رأيي الخاص حسب معطياتي المتواضعة ، اعلم ان السحابة الحالية ما هي الا سحابة صيف ، و ان شاء الله ستمطر في الايام القادمة و تؤتي اكلها الحلو النافع ، و واثق ايضا من ان الروابط لن تنقطع بين هذين البلدين مهما اشتدت الازمات و مهما طال الخصام و انتظر المتربصون الاعداء ، علما مني ايضا ان فرنسا لا تخدم حاليا سوى مصالحها الضرورية المستعجلة مع الجزائر ، و ثانيا ، لان المغرب في صحرائه ، لن تنفع معه لا الفارغات و لا تلك الالتواءات و المراوغات او الصبيانيات . و ايضا مؤمنين كل الايمان بان الإلتحام قوي بين العرش و الشعب ، التحام لن يزعزعه لا جاهل و لا مغرور و لا طامع و لا عدو متربص ..
.. في الحقيقة و بكل سرعة ساعرج عن كل هذا لانه ليس موضوعي اليوم لانطلق الى ما يهمني في هذه الوقفة التي أرغب من خلالها الإشارة إلى اننا استنبطنا من العلاقات الاخيرة بين الجزائر و فرنسا دروسا و حكما لم نكن نتوقعها او نعرفها ..
.. تتبعنا كيف ان فرنسا نزلت بثقلها على الجزائر . أجرى ماكرون لقاءات مع تبون ، و كاترين جالست وزير الطاقة الجزائري و المسؤولين عن شركة صطراك الجزائرية ، فقط من اجل رفع صادرات الغاز الجزائري الى فرنسا بنسبة 50% لان الجزائر هو اكبر منتج للغاز في إفريقيا الذي لا تستفيد منه إفريقيا الا ب8% و لا يعود نفعه سوى على اروبا . حيث تصدر منه إلى اروبا نسبة 83% ، و 11% من الغاز المستهلك باروبا هو غاز جزائري . مع الإشارة ايضا ان الجزائر تعتبر ثالث مصدر عالمي للغاز الى اروبا بعد روسيا و النرويج .. 65% منه يمر عبر أنابيب لاسبانيا و إيطاليا ، و حصة فرنسا منه محددة في 8% ..
هذه النسبة تبدو جد قليلة ، لان فرنسا كانت أكبر مصدر للطاقة في اروبا ، و روسيا كانت سخية بغازها . ثم ان فرنسا لم تكن ابدا في حاجة الى الطاقة. بل انها كانت الموزع الساخي على كل الدول الاوروبية . و كل من احتاج او توقف عن هذا المورد الهام كان يلجأ الى باريز ليحل مشكتله …
هكذا كانت فرنسا .. قوية .. خيرة .. غير محتاجة الى ان تدخل بوتين بقرار عدم تزويد الغاز و قطعه عن اروبا ، اضافة الى مشاكل اخرى برزت بشكل واضح في ظل هذه الازمة ، منها الجفاف و انتظار حلول فصل شتاء بارد و ما نتج من صعاب عقب الحرب بين روسيا و اوكرانيا و معها الناتو و دول الاتحاد الأوروبي و لا من رحم فرنسا من المقربين أو المبعدين.
.. على اي . فرنسا الان في ازمة .. تعول على مساعدة المانيا ، و على الجزائر ، و على الفرنسيين في التقشف و الاستهلاك دون إسراف و بمقدار و لست ادري و معي الكثيرون من الخبراء ، هل ستخرج فعلا فرنسا من هذه الازمة دون سلبيات و نتائج مرة تذكر خاصة و ان المستقبل مظلم مخيف ؟ .
.. المهم . لنبقى متفائلين .. نتمنى كل الخير لفرنسا من القلب و تخطيها لهذه الازمة . كما نتمنى ان تراجع فرنسا قراراتها الاخيرة المضادة لمصالح المغرب و المغاربة و تصطف مع استحقاقاتنا بالكامل ، سيما و انها تعرف بان المغرب و المغاربة #الرجولة# .. لن يخذلوها في مثل هذه الازمات و التاريخ شاهد .
المصدر : https://akadinews.com/?p=14405