الحاجة ام الاختراع …الثلوج جاءت بموسم إملشيل إلى الوجود
بقلم : وفاء قشبال
موسم املشيل او موسم الولي “سيدي احمد المغني”،هو عبارة عن سوق،إلا انه ليس كالاسواق. هو سوق فعلا بكل معاملاته التجارية واسسه الاقتصادية لكنه تجاوز مفاهيم الاقتصاد من ربح وخسارة،إلى ربط العلاقات الاجتماعية وتوطيدها بين كل قبائل المنطقة.
سوق تكسرت فيه كل قواعد الاقتصاد والمالية أمام قوة العلاقات الاجتماعية والروابط الإنسانية ،فاستحق ان يصنف كسوق فريد و متفرد في العالم بأسره.
تاريخيا،ارتبط هذا السوق بالجغرافياوخصوصا علم المناخ،الذي حدد موعد انعقاده في العاشر من شتنبر اي بعد الحصاد وقبل ان يحل فصل الشتاء و ترتدي المنطقة ردائها الأبيض الثلجي حيث يصبح الجو قاسيا والطرقات مقطوعة لا صلة ولا موصولا
من هنا وهنا بالضبط فكر انسان”ايت حديدو” في خلق تجمع لقضاء حوائج الناس السنوية قبيل نزول الثلوج . فوقع الاختيار على نقطة التقاء كل القبائل،عند ضريح “أحمد المغني” بايت عامر بمنطقة “بوزمو” نواحي جماعة إملشيل.
ولأن احتياجات إنسان”ايت حديدو” لم تنحصر فقط في المأكل والمشرب والاغطية والحطب وكلأ الماشية-إن وجدت – … فقد تحول”اكدود ن أولمغني” من سوق لقضاء الحوائج، الى فضاء لصلة الرحم و التعارف بين الناس ومحطة سنوية لانعقاد مجلس قضائي عرفي، يفصل بين الظالم و المظلوم،بإصدار “اجماعة” أحكاما منصفة تتنوع بين غرامة جزافية تسمى”ازراف ن ايزماز” وبين تحقيق التراضي بين الاطراف عن طريق اعتذار المشتكى به والتزامه بعدم تكرار الخطأ وهو ما يسمى في عرف “ايت حديدو” ب”ازراف ن اسنضو”. هذا الى جانب أداء وسداد الديون وتجديد معاملات الكراء أو الشراكة”سومناصف” وأيضا الاقتراض وأخذ السلف وفق عرف يسمى”أزراف ن تيرمت”أي الآجال التي غالبا ماتكون سنوية هي الأخرى. غير ان الأهم من هذا و ذاك،كانت الحاجة ايضا للزواج، فكان السوق فرصة لحضور القاضي المقيم آنذاك بميدلت،او الريش،بغية تزويج العشاق، ما جعل ميزة أقوى و أبقى تنضاف للتجارة،القضاء(العرفي),صلة الرحم،المعاملات العقارية وأداء الديون وغيرها من المميزات التي طبعت هذا السوق منذ عقود من إحداثه.وهي الميزة التي ارتقت به من مجرد سوق للبيع و الشراء إلى اعتباره تراثا إنسانيا متفردا عبر الزمان وجغرافية الاماكن.
تبقى الإشارة إلى ان التزويج بموسم إملشيل يكون قد سبقته بالضرورة عمليةالخطبة (الطلب و القبول) والموسم فقط فرصة لتوثيق الزواج بيد العدول.وكل ما يروج عن التزوبج الجماعي بشكل عشوائي ،هو من قبيل الإشاعة التي حاول أن يروج لها المستعمر الفرنسي آنذاك، استهزاء واستدلالا على”بربرية” الشعوب المستعمرة حينها،ورب ضارة نافعة” لربما هاته الإشاعة المغرضة، هي ما جعل هذا الموسم يحظى بشهرة عالمية متفردة،تشجع السياحة الداخلية و الخارجية.
الجدير بالذكر انه ينبغي التمييز بين “موسم إملشيل” وبين مهرجان موسيقى الأعالي الذي تنظمه املشيل الجماعة القروية، بشراكة مع عمالة إقليم ميدلت والمجلس الإقليمي.
ايضاحات:
1 إملشيل: المكان المخصص لكيل الحبوب باللغة الامازيغية. وهو الاسم الذي تحتفظ به المنطقة حتى هذا اليوم، تقع جماعة إملشيل في المغرب وهي منطقة جبلية تقع في جبال الأطلس الكبير على ارتفاع 2300 متر عن سطح البحر، وهي تابعة لإقليم ميدلت.
3 قبائل آيت حديدو هي قبائل امازيغية استقرت شرق الاطلس الكبير منذ القرن17 بحسب المررخين. وتعتمد في معيشها على الزراعة وتربية الماشية كمصدر رئيسي للدخل وتعتبر إمشليل تابعة لإقليم ميدلت.
3 اكدود : السوق في اللغة الامازيغية.
4 اكدود ن أولمغني : سوق أحمد المغني
5 ازراف ن ايزماز: غرامة جزافية تعطى كتعويض عن الضرر في عرف ايت حديدو
6 ازراف ن اسنضو : الاعتذار و التراضي بين المدعي و المدعى عليه في عرف ايت حديدو
7 سومناصف : نوع من الشراكات
أزراف ن تيرمت : اي الآجال
المصدر : https://akadinews.com/?p=13478