قهوة الصباح / سعيد عقادي .
كم عجبت لهم و الله ..
.. مفتونون تائهون .. يجهلون ان الآلة تدور .. و كما يعاملون في عزهم سيعاملون في ضعفهم و عجزهم ، و ان السكين الذي نحروا به دون علمهم سينحرون به يوم ضغنهم و ضعفهم و عجزهم .
.. ثقافة الاعتراف محوها و العياذ بالله ، و من سجل الاخلاقيات حذفوها و لاحول و لا قوة إلا بالله .
.. فكم من صحافي واستاذ و فنان و عالم و فقيه و رياضي و وزير و عسكري و أمني و من اهل السلطة و المخزن و .. و .. ممن خدموا البلاد و مقدساتها ، و ضحوا بمالهم و جهدهم و وقتهم و صحتهم الى ان تقاعدوا . فهمشوا ثم ابعدوا ، ليتركوهم في خضم معاناة المرض متخبطين ، و في اعماق نوائب الدهر مصطدمين .. لا رحيم و لا متفقد و لا معين الى ان يأتي موعد الرحيل و بعد ذلك ، هناك عند ربنا نختصم .
.. مؤخرا ، كنت اقرا نبأ وفاة المرحوم حدو جادور و احس بالوجع والالم و المعاناة . كنت اتأمل فيما كتبوه بعناوين باهتة .. .. حدو جادور في ذمة الله .. حدو جادور يلتحق بالفريق الأعلى .. وفاة حدو جادور بعد معاناة من مرض طويل .. و كنت اسألهم من أعماق نفسي ، بماذا جزوا جادور هذا ، ايام عزه و عطاءاته و بعد اعتزاله و لحظة عجزه ؟ .. هل كرموه و اعترفوا له بانجازاته ؟ .. هل الحقوه بالجامعة أو بمعاهدها و استفادوا من مؤهلاته و تجاربه و خبراته ؟ .. هل عرفوا بانجازاته و عرفوا به كشخصية رياضية فذة قوية للاجيال المتلاحقة و ابقوه خالدا في الذاكرة ؟ وهو من وصل نصف نهاية 1500 متر في اولامبياد مكسيكو 1968 . و 5000 متر بمونيخ 72 ، و سطع اولا في الكثير من الالعاب المتوسطية و البطولات العالمية العسكرية و في العديد من الدوريات الدولية .. و مع ذلك لا استفادة و لا ما يحفز أو يشجع أو يريح حالته النفسية ..
لن اترك هذه المناسبة تمر دون ان اذكركم بهذه الموجعة .
مرة بعد فوزه في إحدى التظاهرات الدولية بالمغرب اهدوه علبة ملفوفة بملفات مزركشة ، و بعد فتحها في عين المكان وجد بها علبة اقلام بخيسة في شكلها و في قيمتها لتبقى أضحوكة لنا ، مؤلمة ، نتذكرها نحن الاصدقاء كلما تحدثنا عن ايامنا الخالية …
..توفى جادور رحمة الله عليه ، و قبله جادورات كل في اختصاصاته . و اليوم جادورات و جادورات يعانون في صمت ، بعيدا عن الاضواء و الكاميرات و الميكروفونات و كأنهم إعجاز نخل خاوية ، و لا من يسأل عنهم أو يفكر في زياراتهم ..
.. انه زمن الخداعات .. زمن الرويبضة و النفاق و الكذب و الانبطاح و التألق و الخيانات .. زمن قلة الحياء .. و مع ذلك نحمد الله على الإيمان و على تثبيته لقلوبنا على دينه و تقواه ، و يدفعنا الى محاولة تغيير المنكر باناملنا حسب استطاعتنا .
المصدر : https://akadinews.com/?p=12962