محمد الجامعي .
قبل حدث المسيرة الخضراء عام 1975، وهو تاريخ تأسيس فريق أجاكس القنيطرة لكرة القدم داخل القاعة، لم تكن هذه اللعبة شيئا مذكوراً بالمغرب على الشكل الذي ستعرفه خلاله العشرية الذهبية من تاريخها مابين سنوات 1990/ 2000، قبل أن يعتلي المنتخب المغربي بوديوم التتويج القاري كبطل للقارة السمراء وغيرها مما سبق ولحق من الإنجازات /المعجزات.
في الواقع يدين تاريخ كرة القدم المغربية في تطوير هذه اللعبة وطنيا وعالمياً، لرائد كرة القدم داخل القاعة، محمد الجامعي، الذي يبقى المسير المرجعي في هذا الصنف من كرة القدم عبر جميع الأزمة العصور، ولعل هذا ما توثقه وثائق منظمات كروية عظمى، على رأسها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، فضلا عن الاتحاد الأوروبي (الويفا)، والاتحاد الدولي لكرة القدم المصغرة (الفيفوزا).
محمد الجامعي، الشهير بلقب(النهيضة)، يعود له الفضل دون منازع في النهوض بهذه اللعبة، حيث أكد بداية لمن هو في حاجة إلى تأكيد، بأن كرة القدم داخل القاعة، لعبة كروية تنافسية تصنع الملاحم و الأساطير والأبطال، وليست مجرد “هواية لإمتاع أصحاب البطون المتدلية”، كما حاول وصفها ذات يوم وزير مغربي في الشباب والرياضة للأسف.
لاشك أن الجامعي، جعل من كرة القدم داخل القاعة في المغرب، أكثر من مجرد لعبة شبه مهيكلة في إطار بطولة، لتكون خير سفير لبلادنا في مختلف المحافل والأمصار ، حتى أن شخصيات رياضية مرموقة، تعرفت على المغرب كشعب وحضارة عن طريق جوهرة الأندية الخالدة في “الفوت صال”، نادي أجاكس القنيطري، النادي الذي عاش كمؤسسه، وحامله على أكتاف التحدي سي محمد الجامعي، جميع ألوان المشاعر ، المشاعر وكفى. !…
لقد ظل الجامعي، وهو في منفاه الرياضي، هناك في أمريكا، مرتبطاً باللعبة ليس كعشق كان، ولكن كجزء من كيان يأبى النسيان، ويرفض أن يُقبر مع مغادرته للوطن حضور المنتخب المغربي في المنافسات القارية والنهائيات العالمية.
أذكر أن حسن الذكر، وصائن الود، وصانع المجد، هاتفني، صيف عام 2000، ليخبرني أنه سيقود المنتخب المغربي لكرة القدم المصغرة، للمشاركة في نهائيات كأس العالم في دولة بوليفيا، فبادرت إلى سؤاله بأي عناصر سيشارك المنتخب الوطني، وغالبية اللاعبين المنادى عليهم من أفراد الجالية بكندا وأمريكا تعوزهم الخبرة والتجربة، أش من ربح في هذه المشاركة رغم إنني أجزم أنك تتحمل نفقاتها؟.
فماذا كان جواب رجل يحمل الوطن في قلبه؟.ماذا قال؟.
قال لي خاي “المزكلدي”، وهو إسم يناديني به النهيضة،(منين كيكون راشقى لو) :”المغرب هو لي رابح “!.
قلت له إن كنت تقصد المنتخب الذي سيشارك، فراجع حساباتك ؟.
ضحك النهيضة، ضحكته الجميلة، وقال :”المغرب، هو الوطن، يكفي أن يرفع علم الوطن في معترك تسلل الأعداء، ويعزف النشيد الوطني، لصم أذان من ينكرون بين حكومات شعوب أمريكا اللاتينية، مغربية الصحراء”.
وكذلك كان.
فقد وقف المشاركون في نهائيات كأس العالم في دولة، بوليفيا التي سحبت في 21 يناير 2020، إعترافها بجبهة البوليساريو، وقفوا في خشوع وهم يسمعون النشيد الوطني، و يحيون العلم المغربي، فكان إختراق رياضي إستعصى وقتها على الجهد السياسي…ليكون الرابح في 2000 كما في 2020، هو الوطن.
وبمناسبة الحديث عن الدبلوماسية الموزاية لنادي أجاكس والمنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة، فقد حدث أن دار في حديث بيني وبين “النهيضة”، قوله: قبل السفر إلى بوليفيا، واجهني مشكل عدم وجود سفارة بوليفية بالمغرب، وسفارة مغربية في بوليفيا، لأن البلدين لم تكن لديهما علاقة دبلوماسية تربطهما، لكن ما حدث أنه بعد شهرين عن نهاية كأس العالم ببوليفيا، قام الوزير الأول المغربي المرحوم اليوسفي وقتها، بزيارة رسمية لي بوليفيا، إنتهت بميلاد علاقة دبلوماسية بين البلدين”.
“أنا لا أقول أننا كنا السبب ولكن لا أنفي أننا من فتح الباب البوليفي عبر دبلوماسية الرياضة، وأنت تعرف ما أهمية هذه العلاقة مع دولة من دول أمريكا الجنوبية خاصة فيما يتعلق بقضية وحدتنا الترابية”، يقول سي محمد الجامعي. في حديث معه.
هو هكذا الجامعي، رجل خرج من رحم الوطنية، وخدم اللعبة والقضية، وهكذا سيبقى مادام في العمر بقية..
إسئلوا القدس الشرف، حين صلى في رحاب أولى القبلتين، ثالث الحرمين..
إسئلوا الفاتيكان، حين قبل يد بابا الفاتيكان..
إسئلوا ما تشاؤون، وما تظنون
ستجدون محمد الجامعي..رجل كتب التاريخ، وَلَمْ يَعْىَ!.
المصدر : https://akadinews.com/?p=25222