قهوة الصباح/سعيد عقادي.
بعد فترة راحة ليست لا بالكافية ، لا بالعافية و لا بالشافية أو بالمريحة ، كان علي ان اناهض اليوم الكسل و أن ازعزع نفسي و ملكة الكتابة لدي بكل ما اوتيت من قوة لأكمل السير على نهجي القويم الذي لم ينبض و لم يجف بفضل الله لسنوات رغم الإكراهات و الزوابع و المطبات ..
.. مازلت على العهد رغم تقاعدي .. ما زلت على سنتي الحميدة و نهجي القويم رغم كبري .. مستمر على كتابة افتتاحية و طرح كل صباح عمود صحفي مفيد ، و يا كم هي الأعمدة التي كتبت على صفحات جرائد و مجلات كبيرة ، و بعناوين مختلفة تناولت خلالها مواضيع هامة و مهمة !!.
..أوصلت السماعة الى أذني ، اطلقت العنان لأغاني المشاهب التي تطربني و تزيد من قوة و سرعة أفكاري .
.. فكرت و دبرت و قدرت و قررت ألا أكلمكم في قهوة هذا الصباح لا عن الوداد و لا عن الرجاء ، و لا عن المسايفة و لا عن الجمباز . لا عن التعليم و لا عن غزة و همجية صهاينة في إسرائيل . لا عن استقالة وزير الهجرة البريطاني غداة توقيع معاهدة مع رواندا حول ترحيل المهاجرين ، و لا عن موافقة إسرائيل لبناء 1700 وحدة استيطانية في القدس الشرقية و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم . لا عن الجهل المدقع لمنابر إعلامية جزائرية بشرف المهنة و بالحكمة و بالرزانة و بالمبادئ الأخلاقية ، و كثير ما يقال في هذا الموضوع ان فتحناه من جديد .
.. سأتطرق هذا الصباح لما أراه أسمى و اعلا من كل هذا و ذاك ، لما هو أجدر بالطرح في بلادنا إن رغبنا في تخطي الجميع ، و هو بناء العنصر البشري ..
نعم . بناء العنصر البشري ، تقويمه و تكوينه و إصلاحه لأنه اساس كل بناء و كل تطور و تقدم . و دونه ، ثقوا بي اننا لن نحصل سوى عن الصفر ، و لا حصيلة سوى عن الزيرو و الريح .. عن ضياع الجهد و الوقت و المال و ويلات الخراب ، و ذلك مهما شيدنا و بنينا و سهرنا و مهما قطعنا من أشواط أمامية على مستوى مختلف الميادين و المجالات .
.. ما أثر في و دفعني إلى طرح هذا الموضوع اليوم هي تجربتي الأخيرة و المؤثرة بالمملكة الأردنية الهاشمية عمان ..
.. فكم من مرةهناك ، تلقيت دعوات من فلسطينيين و أردنيين لوجبة أكل بمنازلهم دون ان تربطني بهم أية علاقة . دعوني كونهم علموا فقط انني مغربي سائح ..
.. على مستوى الصحافة و الإعلام لمست في الزملاء الذين تعرفت عنهم حسن الضيافة و كريم المعاملات و سمو الأخلاق و هذا ناذر . اما على أرض أوروبا و مع الأروبيين فأقول انه شبه مستحيل ..
.. كم من مرت تفاجئت كون صاحب المتجر أو المقهى رفض ان يتسلم مني مبلغ تلك القهوة التي احتسيتها أو تلك المشتريات البسيطة التي اقتنيتها أو تلك الخدمة التي أداها لي بطلب مني كونه علم فقط انني مغربي و المغربي هناك معزز ، محترم و الله يحفظكم يا أردنيين و يا فلسطينيين يا شرف العرب .
.. تبقى المعاملات الطيبة و الأخلاق العالية هي الأساس .. هي من نقشت سمو الإخوة الأردنيين و الفلسطينيين في عقلي و في عمق ناصيتي و ستدفعني ان شاء الله ان ازور القدس المرة القادمة عن طريق الأردن عندما تهدأ الأوضاع و نحس بالأمن و الأمان .
.. ببلادنا و في جل المناطق السياحية تقريبا ، أتعجب للمعاملات مع الأجانب و السياح .. استغرب و انبذ انواع النصب و الاحتيال .. أمقت معاملات الكثير من أصحاب الطاكسيات و الفنادق و محلات البازرات .. أكره فوضى الأسعار و تضاربها و عدم توحيدها لا على مستوى المقاهي و المطاعم أو أثناء زيارات .
.. أتعجب لأولائك الذين ينظرون للأجنبي أو السائح الزائر حتى و لو كان مغربيا انه فريسة ..
.. تمنيت لو ان الأسعار على مستوى كل خدمة حددت ، لو ان الجميع قدر و احترم السائح و عامله تلك المعاملة الانسانية الطيبة ، لو ان قانون أصحاب الطاكسيات و الفنادق و المقاهي و المطاعم طبق بصرامة ، دون خدعة أو احتيال أو زيادة . لو ان وزارة السياحة أعطت الموضوع ما يستحق من اهتمام و عناية ، و لمسنا ذلك على أرض الواقع لأننا سئمنا من الهضرة و من الشفوي و من الخوا الخاوي ..
المصدر : https://akadinews.com/?p=22474
