أحمد ماغوسي
اسدل الستار على دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 وفاز من خلالها الأسرع و الأعلى و الأقوى حسب التعبير اللاتيني للشعار الأولمبي وهو “Citius، Altius، Fortius”، من بين ابطال مختلف المنتخبات الدولية المشاركة بالنسخة الثالثة و الثلاثين ، حيت اشتدت المنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية و الصين على صدارة جدول ترتيب الميداليات في أولمبياد باريس ، في الوقت الذي اقتصرت فيه المشاركة المغربية على إحراز ذهبية سفيان البقالي و برونزية منتخب كرة القدم، فيما لم يتمكن أبطال وبطلات المغرب لباقي الرياضات المشاركة من صعود منصة التتويج بل منهم من لم يتجاوز الدور الأول من المنافسات ، واخرون كان الجمهور المغربي يمني النفس في تتويجهم بالمعدن النفيس، لكنهم خيبوا آماله و بدؤوا في السقوط و الاقصاء الواحد تلو الآخر ، لنطرح هاهنا اكثر من علامة استفهام ، حول مصير رياضاتنا و مآلها و التي لم تساير النهضة و الصحوة التي عرفتها كرة القدم المغربية التي وصلت الى العالمية و اليوم تتمكن من الظفر بالميدالية البرونزية وتصعد منصة التتويج الأولمبي كأول بلد عربي يحقق هذا الانجاز.
خيبة أمل و تواضع باقي الرياضات بهذا المحفل الأولمبي ،تجعلنا نسائل القطاع الرياضي و اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية و الجامعات الرياضية الوطنية عن واقع الرياضة بالمغرب وماهية أسباب التواضع و خروج جل الجامعات الوطنية خاوية الوفاض تجر وراءها أذيال الخيبة ، علما أنها إستفادت من ميزانية مالية ضخمة خصصت لإعداد ابطالها من أجل المشاركة المشرفة و حصد الميداليات من مختلف معادنها، لكن واقع الحال يحيلنا إلى التأكد بما لا يدع مجالا للشك بأن جامعاتنا الوطنية الرياضية لم تمتثل و لم تعتبر و ربما لم تعي جيدا مضمون الرسالة السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله التي وجهها للمشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة سنة 2008 حين قال فيها :
“إن غيرتنا على قطاع الرياضة، تجعلنا نحثكم على أن تجعلوا هذه المناظرة قوة اقتراحية تصدر عنها توصيات وجيهة واقتراحات عملية تكون في مستوى التحديات التي تواجه رياضتنا الوطنية وتستجيب لتطلعات الجماهير الشعبية ومواطنينا، في الداخل كما الخارج، للمزيد من الإنجازات والبطولات”.
للأسف الشديد لم تتفاعل جامعاتنا مع مضمون الرسالة الملكية ولا مع توصيات هذه المناظرة الوطنية لتظل دار لقمان على حالها، فلا شيء تغير في رياضتنا ،نفس الوجوه مازالت في دفة التسيير الجامعي تتلذذ بحلاوة الكرسي الدائم، إقصاء ممنهج للأطر الوطنية ذات كفاءة عالية المستوى ، هذا في الوقت الذي بدأنا نلاحظ اهتمام الدولة المغربية بالبنية التحتية الرياضية بما فيها تشييد العديد من ملاعب القرب و المراكز السوسيو رياضية فضلا عن بناء و تجهيز ملاعب ضخمة و كبرى بمختلف ربوع المملكة استعدادا لاحتضان بلدنا لنهائيات كأس إفريقيا ( CAN ) سنة 2025، وكأس العالم سنة 2030،لكن و بالمقابل لم يصاحب هذه التنمية الرياضية الاهتمام بالعنصر البشري الذي سيقوم بالتأطير و الاشراف التقني لمختلف الأنواع الرياضية لذلك أصبح من الضروري على الدولة ايجاد مناصب شغل للعديد من افواج خريجي المعهد الملكي لتكوين الأطر مولاي رشيد للرياضات الذين يعانون العطالة وهم من صرفت عليهم الدولة اعتمادات مالية مهمة قصد تكوينهم ، وهاهم اليوم اصبحوا عرضة للضياع و منهم من فضل الهجرة إلى الخارج واخرون امتهنوا مهنا بعيدة كل البعد عن مجال اختصاصاتهم، علما ان الرياضة الوطنية في حاجة ماسة اليوم لكفاءاتهم و خبراتهم اكثر من اي وقت مضى.
نتمنى صادقين ، أن تعي جامعاتنا الرياضية الوطنية ،الدرس من تواضع مشاركتنا بدورة الألعاب الأولمبية بباريس ، وتقوم بتقييم حصيلتها التي لا تتعدى ميداليتين يتيمتين ، ولتبادر إلى تصحيح مسارها الرياضي و الذي سبق لجلالته نصره الله أن رسم معالمه و وضع لنا خارطة طريق نحو نهج قويم و صحيح لممارسة رياضة مغربية محضة تصنع الأبطال الرياضيين المغاربة القادرين على جعل راية المغرب خفاقة في مختلف الاستحقاقات القارية و الدولية ، غير ذلك فإننا سنكون محتاجين إلى تنظيم مناظرة وطنية ثالثة بتدخل سامي لجلالة الملك محمد السادس ،و كذا ربط مسؤولية رؤساء الجامعات الرياضية بالمحاسبة و تبرير أوجه صرف المنح المالية التي منحت إليهم وفق عقدة الأهداف لكل جامعة على حدة.
المصدر : https://akadinews.com/?p=26890