أروبا الشرقية والعربية في مفترق الطرق بين الفيفا والفيفوزا بقلم / محمد الجامعي

admin
رياضة
admin9 أغسطس 2024
أروبا الشرقية والعربية في مفترق الطرق بين الفيفا والفيفوزا بقلم / محمد الجامعي

‎محمد الجامعي

كانت كرة القدم داخل الصالات تمارس في إيطاليا بأشكال متعددة منذ سنة 1961، عبر دوريات بين فرق محلية ذات طابع ودي، إلى أن جاءت المبادرة من فريق “تي سي باريولي”، الذي أقام أول دوري عرف نجاحا كبيرا، لكن تأسيس اتحاد للعبة حتم على الممارسين والمسيرين انتظار 17 سنة بعد ظهور اللعبة لترى النور في إيطاليا.
‎لم ينعم الإيطاليون كثيرا بهذا الإنجاز، إذ انفجرت الأمور على نحو غير متوقع حيث حصل انقسام داخل تشكيلة الاتحاد الإيطالي، ما أدى إلى تأسيس اتحاد آخر من طرف الفرقاء الذين اختاروا الانفصال وحمل الكيان الجديد اسم “لاليغا إيطاليان كالسيتو”. وأطلق بطولة تحت هذه التسمية سنة 1983، قبل أن يتحقق الاندماج بين الكيانين سنة 2000، ويتغير الاسم ليصبح “الاتحاد الإيطالي للفوت صال”.
‎ومن غرائب اللعبة أن تمارس في إسكتلندا فوق أسقف العمارات على غرار ما هو عليه في اليابان، علما أن هذا النوع الرياضي ظهر في الجزر الغربية لاسكتلندا منذ بداية السبعينات عن طريق البحارة.
‎لم يستنسخ الإسكتلنديون اللعبة عن جيرانهم، لأنهم كانوا من الأوائل الذين سمحت لهم الظروف المناخية وانخفاض درجة الحرارة تحث الصفر وكثرة الثلوج التي تتساقط في فصل الشتاء الطويل، بالبحث عن فضاء آخر لممارسة كرة القدم، قد كانوا مكرهين أكثر من غيرهم على ممارسة كرة الصالات داخل القاعات بدل من الهواء الطلق.
‎في مؤتمر ليكسومبورغ، صرح ممثل بلاد الغال، “إيرنست والكير” أن اللعبة ستكون لها قيمة أكبر إذا حظيت باهتمام الاتحادات الوطنية “لأن دورها فعال وفضلها كبير لتنمية كرة القدم الكبيرة”.
‎لكن مع مطلع عام 2006 وإلى غاية 2002، لم تكن هناك إلا بطولة محلية إلا أنها تميزت بكثير من التعثرات والانسحابات، علما أن لاعبين من كرة القدم داخل الصالات ظلوا يشكلون الدعامات الأساسية لمنتخب بلادهم.
‎كانت انطلاقة أول دوري في بلجيكا عام 1968، إلى أن أفرز بطولة وطنية عام 1975 بشطر واحد لكن دون إشراك الأندية الفرانكوفونية بسبب العداء الدي نشب بينهم وخاصة من الذين لم يكونوا مقتنعين بهذه اللعبة. لكن بعد سنة واحدة بدأ التقارب بين الطرفين، ونتيجة لهذا التلاحم انطلق الدوري رسميا في مدينة لييج. إلا أن النعرات الطائفية سرعان ما عصفت بالتقارب بين الفلامان والفرنكوفون.
‎استثمر البلجيكيون هم كذلك جولة الفريق الأوروغوياني أتلتيكو باناغول لأوروبا عام 1977، ما مكن بلجيكا من تكوين نواة للمنتخب الوطني، واجه الضيف اللاتيني بمناسبة ذكرى وفاة الصحفي الرياضي البلجيكي “فال أوغيل”، وكان اللقاء فرصة للبلجيكيين لمناقشة قانون اللعبة، بعد عشرين عاما من ممارستها في بلادهم، ومنذ ذلك الحين وكرة القدم داخل الصالات في تقدم، حيث عرفت تدفق أمواج من الراغبين في الانخراط بنواديها، إلى غاية تأسيس هيئة رسمية للعبة عام 1986 في مدينة هيرنيتال.
‎وجدت تشيكوسلوفاكيا نفسها في حيرة من أمرها، وهي تقف في مفترق الطرق، بين الفيفا والفيفوزا، اعتبرت أن أحل الاختيارين يقطر مرارة، لكن مدينة بيلزن ستظل مزارا لهواة هذه اللعبة، لأنها معقلها منذ سنة 1975. هذه المدينة كان لها السبق في ظهور وممارسة كرة الصالات كسائر بلدان العالم وكانت في بدايتها بهدف ملء الفراغ، قبل أن تنتقل إلى براغ، وعلى الفور انخرطت ضمن هيئة فيفوزا قبل أن تصاب بعدوى الانفصال، حيث أنشأ “بيتي رفوسيك” اتحادا جديدا بداية من سنة 1990، ضمه للفيفا، مع الاحتفاظ في العضوية بالفيفوزا. وانتظر التشيكيون والسلافيون سنوات لإعلان الانطلاقة ولو بعدد قليل من الأندية.
‎أما الإتحاد السوفياتي، قبل التقسيم، فقد استغل قاعات الهوكي اللعبة المفضلة للروس والأكثر شعبية، في غرب البلاد، وحولها إلى فضاء لممارسة اللعبة حين يقسو الجو، حيث أصبحت لها جامعة وبطولة وطنية ومنتخب يمثلها في الملتقيات الدولية وهي حاليا تعد من أقوى المنتخبات أوربيا وعالميا. وشهدت سانت بيتير سبورغ دوريا كبيرا سنة 1974، حضرته حشود جماهيرية كبيرة. وفي موسكو كان الإقبال مشابها، مع اكتساح كبير لفريق سبارتاك موسكو استحوذ على الألقاب.
‎لكن عصرنة كرة الصالات بروسيا بدأت تظهر منذ 1980، إذ رغم أن كرة القدم “العادية” كانت تمارس هي الأخرى داخل القاعات المغطاة بسبب كثافة تساقط الثلوج وبرودة الطقس خاصة في موسكو ولينينغراد، حيث توجد قاعات بحجم ملاعب كرة القدم الكبيرة في الهواء الطلق، إلا أن كرة القدم المصغرة حظيت باهتمام كبير.
‎سنة 1990 نظرا لنمو وازدهار اللعبة قامت جامعة كرة القدم بإنشاء لجنة خاصة لتسيير شؤون اللعبة. وفي سنة 1992 تأسس الإتحاد السوفياتي لكرة الصالات وكان يسمى “اتحاد ميني فوت” حيث انضم لـ”الفيفوزا”.
‎وفي يوغوسلافيا ظهرت اللعبة سنة 1958 ببطولة خاصة للأعمار أقل من 15عاما، ما كادت سنة 1962 تنتهي حتى كانت اللعبة منتشرة في كل البلدان لكن بقوانين مختلفة. أما بولونيا فقد عاشت هي الأخرى نفس السيناريو على غرار جيرانها إلى أن حل الوقت المناسب لتأسس جامعة كرة الصالات سنة 1983 تحث لواء الإتحاد الأكاديمي للرياضة، وانطلقت أول منافسة داخل القاعة والهواء الطلق في بداية 1984. بعد عشرة سنوات قامت جامعة كرة القدم البولونية بإحداث لجنة وطنية وتشكيل منتخب وطني.
‎فكرت الفيفا سنة 1989 في تنظيم بطولة العالم هي الأخرى، كل أربع سنوات، كي تخلط أوراق الفيفوزا على مدار السنة الفاصلة بين كأسين لكرة القدم. وقد أقيم الحدث الأول عام 1989 بعد ما وقع الاختيار على هولندا لاحتضان النسخة الأولى نظرا لشعبية اللعبة في الأراضي المنخفضة.
‎منذ النسخة الأولى لكأس العالم 1989، تبين أن دولتين احتكرتا هذه البطولة هما البرازيل التي فازت بخمس ألقاب، وفازت إسبانيا بواحد، لتلحق بهما الأرجنتين وتفوز بالنسخة الأخيرة التي أقيمت في كولومبيا سنة 2016.
‎حطم منتخب البرازيل العديد من الأرقام القياسية، فهو الفريق الوحيد الذي لم يتم إقصاؤه أبداً في دور المجموعات، وأول دولة مضيفة تفوز بالبطولة حين هزمت إسبانيا بضربات الترجيح. كما فازت البرازيل بمنافسة عام 2012، وفي 2016 هزمت إسبانيا في دورة كولومبيا مرة أخرى.
…………..

رابط مختصر