تناثرات من صلب أزمة لا يعيها الا الشدائد الملاح / عقادي سعيد.
رحل زواكي الجيلالي الى دار البقاء كما رحل العديد و العديد من الأصدقاء و الإخوة و الأحباء و الأساتذة الذين عايشناهم منذ الستينات و استمتعنا بمهاراتهم الفنية و الثقافية و الرياضية و غيرها …
.. من اولائك الرجال من غادرنا في صمت ، و منهم من حضروا مراسيم دفنه و على التو نسوه و كأنه لم يكن رغم ما أعطى و وفى و أخلص .
.. رحم الله و رحم و رحم .. لا سجل و لا توثيق و الموت أتت على الكثير من شاهدي تلك العصور ، فلا أثر خلد و لا تاريخ بقي ليشهد .
.. و المناسبة قائمة في هذه اللحظة على رحيل زواكي الجيلالي و السيارة تطوي بي الكيلومترات على أرض الاسبان ، عدادها تصدع و كاد ان يصعق جراء ما أريده ان يتحقق .. نعم . الا اتغيب عن مراسيم الدفن و السلام .
.. خلال هذه الازمة النفسية و الظروف المزلزلة تبث المرحوم بين عيني شامخا و الروح عند بارئها فبدأت أتذكر تاريخه الأعظم و أمجاده الذهبية و ثقافته الرياضية الواسعة ..
.. تذكرت و تذكرت و تذكرت ..
.. تذكرت قوته البدنية المميزة و استحضرت ذكائه و قوة ذاكرته و ما ابان عنه من كفاءات و انا اتتبعه كولد الدرب ، درب الطاليان بالطبع ، و كرياضي ممارس ، و كصحافي ، و كزوج لفلذة كبده .
.. تذكرت كيف انه كان المؤسس الحقيقي للمصارعة المغربية ، و له الفضل كل الفضل في ما حققت هذه الرياضة من تقدم و رقي ..
..تذكرت ما استفدته من دروسه كمدرب لنا في لاكازابلانكيز و نحن صغار و شبان ، و تذكرت ما علم و اتقن للمواهب الرياضية على مختلف مستوياتها في فنون الحرب و العاب القوى و السباحة و سير وسير ، و عن دراية و دراسة و ليس عن طريق الصنطيحة يا سادة ..
.. استرجعت ما وصل اليه كمصارع امام العرب و العجم في الداخل و الخارج ، و كمدرب متمكن و كحكم ماهر و كمؤطر متمرس ..
.. تذكرت ما كان يحكي لي عن كفاءاته كمدرب بإفريقيا و الشرق ، و بالولايات المتحدة الامريكية ، و في كل القارات الأرضية ، و ما تلاها من إنجازات مشرفة مرضية …
.. امامه و بكل صدق ، ما عليك إلا أن تخرس و تنصت و تتأمل في مخارج أفكاره كيفما كانت شواهدك و ثقافتك و مستواك الرياضي .
نعم ، جلست رياضيين و رياضيين و كالزواكي بكل قناعة ، ناذر .. يبقى جوهرة من ذلك المعدن الفريد الخالص .
رحمه الله .. و تبت يد كل وصولي أناني .. كل مسؤول تطاول على غير اختصاصه الرياضي حتى ابتعد المغاربة الرجال و تولاها الدراري الصغار ..
.. مثل المرحوم زواكي ، هناك نماذج في كل المجالات و الاختصاصات .. و الطامة الكبرى ان الكثير منهم اما همش و ابعد أو غادر لما امتزجت به الرياضات بالرذائل و الوسخ و العفن و الخبث إلى ان عادت تلك الرياضات الى العد من جديد .. قابعة في الصفر و منه لن تحيد .
.. لو بدأت اكتب عن زواكي في الرياضات بمختلف انواعها كمدرب و كمؤطر ما توقفت و ما عجزت عن ذكر بما أفاد . لكن بم اننا نعيش زمان التفاهات و المتطفلين و الرويبضة اختم بسلام على رياضاتنا ..
.. رحمك الله يا زواكي ، و رحم الرحمان عدد من الرجال المغاربة الأحرار من طينة المرحوم .
المصدر : https://akadinews.com/?p=18872