عقادي نيوز.
وقع البرلمان الأوروبي في خطيئة كبرى حين وجه صك اتهام للمغرب في قضية “بيجاسوس”، و أصدر حكم الإدانة ضد بلادنا، قبل أن يشكل لجنة للتحقيق وتوفير الأدلة، وفضل الاعتماد على تقارير منظمات دولية مسيسة، و بعض وسائل الإعلام الموجهة. والمصيبة الأكبر هي أن البرلمان الأوروبي، بعد أن شكل لجنة للتحقيق اشتغلت على نطاق واسع خلال عدة أسابيع، لم يتمكن من الإتيان بأي دليل يبرر الحملة السياسية و الديبلوماسية و الإعلامية التي جرت على امتداد أسابيع، للتنكيل بالمغرب والمس بمصالحه وإظهاره بأبشع الصور.
شخصيا، لم أشك يوما في أن عمق الموضوع بعيد عن قصة “بيجاسوس”، وهو مرتبط بغضب جهات أوروبية تحاول الانتقام من المغرب بسبب اختياراته الديبلوماسية والاقتصادية التي تسعى إلى التحرر من تبعية تقليدية تريدها بعض الأطراف أن تستمر إلى ما لا نهاية. و هي، في ذلك، تحن إلى ماضيها الاستعماري التسلطي، و تريد أن تستمر في ابتزاز بلدان إفريقية كثيرة لاستدامة مصالح اقتصادية متجاوزة، ويزعجها صوت المغرب الذي يتحدث عن التعاون جنوب جنوب، و عن السوق الإفريقية المشتركة، و عن الخبرات و الكفاءات الإفريقية القادرة على قيادة أوراش التنمية بالقارة.
فشل البرلمان الأوروبي في تأكيد اتهاماته، يطرح عدة أسئلة تستحق أجوبة واضحة:
– هل سيعتذر البرلمان الأوروبي للمملكة المغربية على ما تم القيام به في حقها؟
– هل سيتم تصحيح الصورة عبر حملة تواصلية مضادة، لرفع الحيف الذي طال المغرب ظلما وعدوانا؟
– هل سيتحمل البرلمان الأوروبي مسؤوليته التاريخية و يعترف بأن العلاقة مع المغرب لا يمكنها أن تظل رهينة حسابات التوازن والحرص على ضمان تموين الغاز من البئر القريب جغرافيا لأوروبا في جنوب البحر الأبيض المتوسط؟؟
– هل سيوصي البرلمان الأوروبي بضرورة وقف الاتحاد الأوروبي لسياسة ضبط العلاقة مع المغرب على إيقاع العلاقة مع ما سواه من دول شمال إفريقيا، و المنطقة المغاربية خاصة، لكون ذلك غير منطقي بميزان التاريخ وقواعد الاستقرار الجيوستراتيجي ؟؟
– هل سينصف البرلمان الأوروبي المغرب ويصطف إلى جانب المشروعية التاريخية التي تؤكد أن ملف الصحراء المغربية هو، فقط، نزاع مفتعل بسبب الحرب الباردة التي كانت في السبعينيات، ويتم الاعتراف بأن دعم السلم و الأمن والتنمية ومحاربة الجريمة المنظمة وشبكات الاتجار في البشر والإرهاب، في غرب البحر الأبيض المتوسط و منطقة الساحل و الصحراء، يستوجب على الأوروبيين الاعتراف بمغربية الصحراء بشكل واضح لا تردد فيه ؟؟
في ارتباط بالموضوع نفسه، سؤال أخر يفرض نفسه بالنظر لراهنيته، هو:
– هل سيعتذر “مناضلو اليوتوب” الذين نظموا عددا هائلا من البرامج الحوارية (فيما بينهم!!) ل”كشف عورة الدولة المغربية”، وسعوا بكل السبل إلى “فضحها” أمام سكان كواكب النظام الشمسي، على أساس اتهامات أوروبية غير دقيقة، سلموا بها واعتمدوها لتصفية حساباتهم الخاصة مع مؤسسات وطنهم ودولتهم …؟؟
أعتقد أنه لا حاجة للبحث كثيرا عن جواب عن السؤال الأخير، لأن بعض القوم سيستمرون في رفض الاقتناع بأن “قصة بيجاسوس” لم تكن سوى سراب بقيعة يحسبها الظمآن ماء، وسيصدقون كل القصص الأخرى التي قد يتم إبداعها في المستقبل في سياق حرب جيوستراتيجية شرسة تريد التحكم في نمو المغرب و عرقلة مسار حضوره الاقتصادي خلال العشر سنوات المقبلة. وبالتالي، ستظل الدولة المغربية متهمة “و لو طارت معزة”، وستستمر جذبة الانتقاد و سيتواصل النضال الأوتوماتيكي الإلكتروني الذي يبدعه البعض، والله يجعل البركة في “الأدسنس” وعائدات اليوتوب، ومصادر تمويل النضال الأخرى التي لابد أن يتم كشفها في المستقبل القريب والسياق الملائم.
حرب المصالح الاقتصادية ستستمر وستتعقد وتتنوع جبهاتها، وما علينا سوى الانتباه ورصد شبكة العلاقات بين أطرافها الظاهرة والمستترة، وإبقاء اليقظة و الحيطة من المتواصلين الذين تثبت الأيام أن “نضالهم” تجارة مربحة، لا يمكنهم التوقف عن تدبيرها لو كلفهم ذلك مزيدا من الابتعاد عن الموضوعية وعن طريق الانتصار للمشروع التنموي الوطني.
المصدر : https://akadinews.com/?p=18560