وفاء قشبال
مساء اليوم الثاني لوفاة عاهلة المملكة المتحدة”اليزابيت2″ خصصت قناة دولية معروفة، برنامجا خاصا عن الملكة،استضاف خلاله مقدم البرنامج ضيوفا بالبلاطو وعن بعد من العاصمة لندن ، ومن كندا.. للحديث عن الملكة اليزابيث 2.
ولساعات طوال، تم التطرق إلى شخصيتها والتزامها ونجاحها السياسي،الى طباعها وعاداتها و أناقة ازيائها.. إلى غاية الوصول الى رصد علاقاتها الدبلوماسية مع مختلف دول العالم بما فيها دول الكومنولت، عبر عرض صور تؤرخ للقاءاتها مع عدد من قادة الدول .
و خصص البرنامج تقريرا عن علاقاتها الدبلوماسية مع الدول العربية من خلال تقديم تواريخ زيارتها لعدد منها وكذا عرض لقطات من استقبالها للقادة العرب كحسني مبارك، والملك حسين وبعض رؤساء الدول الخليجية الاخرى كالامارات، السعودية،عمان.. واستغربت كثيرا عدم الاشارة الى العلاقة بين التاجين المغربي
و البريطاني !!!
وفي تقرير اخر عن علاقة المملكة البريطانية بالملكيات العربية،قلت مع نفسي ” الان هو ذا”،الا ان التقرير مرة أخرى، يقفز عن ذكر الملكية المغربية بشكل فظ جدا. حيث اعيد عرض لقطات للملكة مع الملكين الاردنيين،وملك السعودية الاسبق..
وجاء تقرير ثالث عن علاقات الملكة الدبلوماسية مع القارة السمراء تحديدا، فقلت لنفسي ربما التقارير تركت المغرب الى التقرير القاري، اذ تم عرض لقطات وصور للملكة مع عدد من رؤساء الدول الافريقية،جنوب الصحراء وخصوصا نلسون مانديلا. ومرة أخرى لم يتم ذكر المملكة المغربية تماما.
فتساءلت كثيرا،هل هو تقصير في الاعداد ام مقصود ومبيت،ام هو طاقم الاعداد وجد ضالته في السياسة العامة للدولة اتجاه المغرب؟؟؟
كما تضمن هذا “الخاص” إجراء ميكروطروطوار” عن الملكة اليزابيث2، بكل من: الاردن،لبنان،مصر، تونس
كل هذا ولم تتم الإشارة للمملكة المغربية أبد، حينها أيقنت أن النية مبينة وبشكل مكشوف ومفرق.
وجه القرف و الفظاظة،ليس في انتهاج هاته الدولة -الصديقة “إلى عهد قريب- ازمة صامتة اتجاه المملكة المغربية،إنما المقرف في الأمر ان يتحول منبر إعلامي معروف ودائما ما ينادي بالاستقلالية واحترام الحريات وأخلاقيات المهنة.. (أن يتحول) بشكل مكشوف ومعلن إلى مجرد مطية بيد النظام،ومتحدثا بلسانه.
وحيث وجب علينا الرد، نذكر اولا :
ان حقيقة لقاء الملك الراحل الحسن الثاني بالملكة اليزابيث2، حقيقة تاريخية لا يمكن طمسها باي شكل من الاشكال، والقفز عن ذكرها في تقرير صحفي مصور دام لساعات ، هو اخفاء للحقائق وتحيز لجهات تخدم اجندات معينة وبالتالي ضرب واضح لابرز قواعد الأخلاقيات المهنية “الإستقلالية و الحياد” في واحدة من أكبر القنوات التي تدعي المهنية و الكفاءة.
ولكل من جهل او اراد تجاهل سمو العلاقات المغربية البربطانية،عليه استحضار صفحات تاريخية ، أرخت بمداد من ذهب لحظات صداقة و أخوة بين الملكين الراحلين الحسن الثاني و اليزابيث2.
ويكفي ان نذكر، أن الملكة اليزابيث2 كانت قد حلت ضيفة على المغرب سنة1980 رفقة زوجها الدوق فيلب،واستقبلهما عاهل المملكة الحسن الثاني بجلبابه المغربي الأصيل.
وبعد مرور سبع سنوات، زار الملك الراحل الحسن الثاني لندن في يوليو 1987، حيث استقبلته الملكة إليزابيث الثانية بحفاوة بالغة ولافتة في محطة مترو أنفاق لندن فيكتوريا.
وجاب الحسن الثاني شوارع لندن،جنبا الى جنب مع إليزابيث 2 بالعربة الملكية المكشوفة، وسط هتاف أفراد الجالية المغربية المقيمة في بريطانيا.قبل أن تقيم اليزابيث2 مأدبة غذاء فاخرة على شرفه،حيث تبادلا عبارات التقدير و الاحترام.
هذا دون الحديث عن ما جمع البلدين منذ القرن السابع عشر من “اتفاقيات لتبادل السفراء” وغيرها، وخلال القرن العشرين،كان القنصل البريطاني مستقرا بطنجة التي كانت منطقة دولية، واستمر بها لأربعين سنة حتى اتقن العربية (اللهجة)و صار يتحدث بها.
الواضح أن الأزمة الصامتة اتجاه المغرب،ترمي بظلالها على الإعلام فلم يعد حرا و لا مستقلا، ولم يعد مقبولا أن ترفعوا في وجهنا هاته “الشعارات الواهية” مستقبلا.
المصدر : https://akadinews.com/?p=13179