المبادرة و تهافت الشطار .

admin
مجتمع
admin28 يونيو 2022
المبادرة و تهافت الشطار .

محمد نبزر

عرف المغرب في السنوات الأخيرة طفرة غير عادية في مجال تأسيس الجمعيات المدنية، وبالتحديد، منذ بداية تفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها جلالة الملك لأهداف اجتماعية اقتصادية؛ بهدف تمويل مشاريع تنموية بالأحياء المهمشة والمناطق الفقيرة الهشة والنائية، وتحسين مستوى عيش سكانها المعوزين، وتشغيل الطاقات البشرية العاطلة في مشاريع مدرة للدخل. أهداف سامية في روحها وفلسفتها، لكنها اصطدمت بجيوش شُطَار، تهافتوا وسال لها لعابهم فنحوا بـها “بشطارتهم” مناحي شتى في انزلاقات عبر ” مشاريع ” لا علاقة لها بالتنمية البشرية. الشطارة ألهمت الكثيرين الإقدام على خلق جمعيات بعشرات المئات، بل بالآلاف في ربوع البلاد، طمعا في “مائدة المبادرة”. وإذا كانت قلة من الجمعيات القديمة والمحدثة قد قدمت مشاريع تنموية معقولة، فإن هناك جمعيات كثيرة بمكاتب وهمية، لا وجود لها إلا على الورق هي كلها مختصرة في الرئيس، هو الرئيس وهو المرؤوس، هو الجمعية وحقيبته مقرها، أحيانا في البيت الواحد جمعيات، “الرجل” جمعية والزوجة جمعية، مشاريعهم بعيدة كل البعد عن روح المبادرة، ويحصلون للأسف في الكثير من الجهات على نصيب من أموال المبادرة، يتلصصون بلا خجل، بهالون، يمسطون النوق ويعرِقون العظام، يصافحون في مداخل المقاطعات والجماعات بمزمزة ونزنزة، يحملون مشاريع ميتة في مجالات عدة، بما فيها المجال الرياضي، دوريات في كرة القدم، تنتهي وينجلي غبارها عن شخص غانم، نظم مباريات مصغرة في ملاعب صغيرة في الغالب، بلا مقابل يؤديه، حتى الكؤوس والجوائز يتسوَّلها من هنا وهناك، ويطوي الشباك الصغيرة لتطوى معها الآمال الكبيرة، بلا تنمية ولا هم يحزنون.
إن من حق الرياضة أن يكون لها نصيب من الأموال المرصودة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لكن لبناء مرافق  رياضية محلية صُغرى، يُسند تدبيرها لمجموعات شبابية يستفيدون من دخلها، وذلك في شكل ملاعب وإن صغرت، في الأحياء والمناطق الهامشية، حسب الإمكانيات العقارية المتاحة، وإحداث وتجهيز قاعات صغيرة في ما بقي من دور شباب، ولم لا إحداث قاعات صغرى ولو بالبناء الجاهز، أو قاعات متنقلة، لتعميم أنواع رياضية ظلت حبيسة في محور طنجة – الجديدة ووجدة – مراكش، وبناء مسابح بأقل المقاييس، ودعم تجميع الشباب في شركات لإنتاج الألبسة الرياضية وأخرى لصنع مختلف أنواع العتاد  والأدوات الرياضية، مشاريع تساعد ،المعوز والعاطل في كل المجالات  بعمل مدر للدخل، أما الضجيج الذي ينتهي مفعوله بانتهائه، فلا علاقة له بالتنمية وفلسفة المبادرة.
لقد أتيح لي أن أحضر عضوا في خلية للمبادرة، فعُرِضت علينا لائحة مشاريع يطلب أصحابها التمويل، كانت رائحة المبادرة حاضرة في مشروعين اثنين فقط، والباقي لا يمت للمبادرة بأية صلة، أعلنت موقفي منها، ووافقني في ذلك أغلب أعضاء الخلية، فحفظنا للمهمشين أموالهم أينما كانوا، ولن نكون مسؤولين إذا انعرج بها الطريق ولم تصل غايتها، بتصريفها وصرفها في ما رفضنا أن تُصرف فيه، هكذا نحن وهكذا سنظل، و”النعل حاضرة إن عادت العقرب”.

رابط مختصر