يد منخفضة على كرة الصالات بقلم/محمد الجامعي

admin
رياضةكتاب الرأي
admin9 أغسطس 2024
يد منخفضة على كرة الصالات بقلم/محمد الجامعي

‎محمد الجامعي
‎بين الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد العالمي لكرة الصالات منافسة شرسة، كل منهما يسعى جاهدا ليثبت للعالم بأنه الأب البيولوجي لكرة الصالات، تطلب الأمر سنوات من الحروب الباردة والساخنة، ووصل الأمر إلى حد قرع طبول المعارك التي كانت تعرفها كواليس المؤتمرات.
‎في 18 نونبر 2012، توج منتخب البرازيل اليوم بلقب مونديال كرة القدم داخل الصالات، بفوزه على إسبانيا في المباراة النهائية 3-2 بهدف قاتل سجل في آخر دقائق الوقت الإضافي لنهائي البطولة اليت أقيمت في التايلاند. كان اللقاء ممتعا شد إليه أنظار ملايين المتابعين، ما مكن منتخب السامبا من تأكيد فوزه بكأس العالم على أرضه وبين جماهيره قبل أربع سنوات مضت، وكان على حساب إسبانيا لا للصدف الماكرة.
‎داس الإسبان على الإيطاليين وهم في الطريق إلى النهائي حين هزموهم برباعية، وشاءت الصدف مرة أخرى أن يكون النزال لاتينيا بين البرازيل وكولومبيا في الدور ما قبل النهائي وانتهى بثلاثية برازيلية. أمام ألاف متفرجين في بانكوك عاصمة الفنون القتالية، لكن رغم ذلك لازالت الكرة الصغيرة تحاول سحب “الشعبية” الجارفة من كرة القدم الممارسة في الهواء الطلق.
‎كسبت التايلاند من تنظيم بطولة العالم تعاطف المنتظم الكروي، ونجحت في نشر اللعبة الممتعة في دول أقصى أسيا، التي كانت رياضات فنون الحرب هي الأكثر شعبية في البلاد. ما جعل كرة القدم داخل الصالات تسجل نقطا جديدة في صراعها الأبدي مع الكرة الممارسة في الهواء الطلق، وهو الصراع التاريخي الذي يعود لميلاد هذه اللعبة في حضن جمعية للشباب المسيحي في أوائل الثلاثينات.
‎دار نقاش واسع بين خبراء كرة القدم داخل الصالات حول نشأتها وأصلها وفصلها. يقول جيروم براشي، رئيس الاتحاد الوطني لأندية كرة الصالات وعضو الاتحاد الأوربي للعبة، وهو يكشف عن سر خلطة اللعبة: “قواعد كرة الصالات ليست مستوحاة من كرة اليد وكرة السلة وكرة الماء وليس من كرة القدم فحسب ولكنها تخصص منفصل”. إلا أن الراجح هو كونها لعبة متجددة على الدوام قابلة في أي وقت لتجدد دماءها. ففي سنة 1956 وضعت البرازيل قواعد جديدة والتي سيتم تبنيها بعد ذلك من طرف عدة دول.
‎ظلت اللعبة أسيرة مطابخ الاتحادات تخضع لوصفات التعديل، وعاشت لفترة تحت رعاية الاتحاد البرازيلي ورئيسه جواو هافيلانج، الرجل القوي الذي حكم إمبراطورية الكرة ما بين (1974-1998)، كان يعترف في سره بكرة الصالات لكنه لم يعد يخفي رغبته في الترشح لمنصب البريطاني المسن ستانلي روس، لكن عند وصول جواو إلى قمة الفيفا سيبذل كل ما في وسعه لوضع كرة الصالات تحت سيطرة زيوريخ.
‎يوضح بول ديتشي، المحاضر في جامعة فرانش-كاونتي ومؤلف كتاب “كرة القدم..التاريخ”: “في عهده كان جهاز الفيفا يحكم على أساس نموذج رئاسي مركزي، حيث تركزت جميع السلطات بين يدي هافيلانج. في أوائل الثمانينيات، طلب الأخير من الجمعية العامة السيطرة على كرة الصالات في أمريكا اللاتينية، واعتبرها مسلكا للهيمنة على الكرة في العالم”.
‎زادت شهية الهيمنة والرغبة في اجتياح كرة القدم الخماسية عام 1983، عندما هددت الفيفا هيئة فيفوزا باستخدام الوسائل القانونية لحظر استخدام مصطلح “فوتبول” في اسمه الأصلي: “فوتبول دي سالا”. ما دفع إلى اختراع مصطلح “كرة الصالات” في عام 1985، تفاديا للمساءلة القانونية.
‎قبل أسبوعين من تنظيم كأس العالم لكرة الصالات الثاني في إسبانيا، سحبت مدريد الدعم الذي وعدت به ما عرض وجود فيفوزا للخطر. ورغبة في تطوير هذه الرياضة قررت كثير من الدول الانضمام إلى “الفيفا”، هذه الأخيرة فتحت ورش تغيير قوانين اللعبة، أبرزها لعب الزوايا واللمسات بالقدم، وتحديد المدة الزمنية إعادة الكرة إلى الملعب.
‎ هناك اختلاف في الفلسفة من اتحاد لآخر، بل إن الأرجنتيني خوان كارلوس سيرياني جرافير، الذي كتب القواعد الأولى للعبة في عام 1933، كان ينادي بخلق حالة ذهنية معاكسة لحالة كرة القدم المكونة من 11 لاعبا: أكثر احتراما وأقل عنفا.
‎في الوقت الحالي ، تستمر اللعبتان في التطور جنبا إلى جنب في ما يشبه التعايش الحذر.

رابط مختصر